أرشيف

النقيب: زوال هذا النظام يوفر الأرضية المناسبة لمعالجة القضية الجنوبية

يعد الدكتور عيدروس النقيب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني واحداً من السياسيين القلائل الذي يتمتعون بشعبية جماهيرية واسعة وبحضور سياسي وإعلامي مميز لمشاركتهم الفاعلة سياسياً وميدانياً بما تشهده الساحة السياسية اليمنية من أحداث وفعاليات تهدف إلى صنع يمن الحرية والعدالة والديمقراطية.


حاوره احمد حرمل


* كيف تفسرون رفض الرئيس صالح التوقيع على المبادرة الخليجية؟


– كنا نتوقع أن تتهرب السلطة من التزامها والوفاء بما وعدت به أمام أخواننا الخليجيين وكنا على يقين انهم غير جادين فيما أعلنوه وكانوا يراهنون على عملية كسب الوقت وأعتقد أن العتاب الكبير الذي وجه للأخوة في أحزاب اللقاء المشترك على قبولهم المبادرة التي لا تمثل ما تبتغيه الثورة المجتمعية اتضح اليوم انه لم يكن منصفاً فالمعارضة لم تراهن على السلطة وهي تتيقن من تجاربنا المريرة معهم أنهم ليسوا جادين ولا صادقين في كل ما يعلنونه ولكن المعارضه أرادت أن تضع الرئيس وسلطته أمام مرأى ومسمع العالم في عدم الجدية فيما يقولونه وبالتالي نحن من الآن نقول أن الأمر صار واضحاً وان أخواننا الخليجيين عليهم أن يدركوا بأنهم يتعاملون مع طرف مخادع مخاتل يقول الشئ ونقيضه ويعلن أجندة معينة ويعد لأجندة أخرى ولذا ندعو إخواننا الخليجيين أن يتعاملوا مع هذا النظام بقدر عال من المسؤولية والمثابرة من أجل إخراج اليمن من آزماتها.


على الأقل تقديراً لجهود إخواننا الخليجيين نريد هذه المبادرة أن تفضي إلى الضغط على الرئيس في أن يتنحى ولكن هذه المرة لاينبغي أن يكون التنحي مقترناً بأي شروط ولا أي ضمانات ولا بسواها لأن تقديم الضمانات مستمر في قتل المواطنين إنما يفتح شهية النظام على مزيد ومزيد من الجرائم التي تهدف المبادرة إلى توقيفها والى الكف عن ممارستها.


* هل تعتقدون بأن المبادرة فشلت ولا يمكن العودة إليها مرة أخرى؟


– أنا اعتقد أن هذه المبادرة وأي مبادرة قادمة ستفشل أمام هذا النظام ليس لان الآخرين لا يجيدون التعامل مع قضايا اليمن ولكن لان هذا النظام يقوم على الخديعة وعلى المكر وعلى الكذب وعلى المراوغة وعلى تحريف المعاني والمفردات التي ترد حتى في النصوص والوثائق التي يتعهد بها وبالتالي إن أي مبادرة


لن تصلح مع هذا النظام, والمبادرة الوحيدة التي تصلح هي الضغط عليه للذهاب فوراً وعلى رأس النظام التنحي الفوري غير المشروط وإذا ما استمر في معاندته لمطالب الشعب فإن المجتمع الإقليمي والدولي لديه العديد من وسائل الضغط حتى ينصاع لمنطق التاريخ ويقبل بحق الشعب في تقرير مصيره بنفسه.


· المشهد السياسي الحالي شبيه بالأوضاع التي سبقت حرب 94م فهل البلاد قادمة على حرب أهلية؟


– ربما أختلف معك مع هذا الطرح لعدة اعتبارات، الاعتبار الأول أن الصراع في 94م على ما فيه من مأساوية ومن نتائج كارثية كان بين طرفين سياسيين واضحين لكل منهما أجندته وجمهوره وقاعدته الشعبية, وثانياً كان هناك جيشان يتواجهان وبالتالي أدى هذا إلى الحرب التي تحدثتم عنها أما اليوم فإن المشهد مختلف الصراع اليوم بين طرفين صحيح لكن طرفاً يتغطرس ويتعالى ويستخدم القوة المفرطة في مواجهة الطرف الآخر الذي ليس بيده من وسائل السلاح شيء ولا يمتلك إلا الصدور العارية والهتافات والشعارات والورود, وصحيح أن الطرف الأول يمتلك القوة العسكرية ويستخدمها استخداماً سيئاً, لكنه بلا قاعدة جماهيرية واقر وأعترف أن هناك أفراداً في المؤسسة العسكرية يتلقون الأوامر من النظام ويقتلون المواطنين لكن هؤلاء عليهم الأن أن يعلموا أنهم يرتكبون جرائم بحق الشعب والتاريخ وأنهم سيقفون أمام القضاء في يوم من الأيام ليحاكموا على هذة الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب ولذا فأنني أناشدهم الكف عن استخدام القوة ضد جماهير الشعب التي هي صاحبة الحق في تقرير مصير البلد وهي مصدر السلطات وعليه أقول إن أجواء الحرب لن تكون إلا المشهد الأخير لسقوط النظام إذا ما أصر على اللجوء إلى الحرب.


خلاصة القول هنا إن اختلاف المشهد بين الحالتين يتلخص بالآتي:


ليس لدى المعارضين والمحتجين جيشاً يقاومون به جيش السلطة وفي المقابل ليس لدى النظام جماهير يواجه بها الجماهير وبالتالي فإن المشهد يبرز طرفين الأول هو شعب صاحب قرار وصاحب إرادة, وقد حسم أمره وأقر تغيير حياته نحو مستقبل أفضل ونحو حياة أكثر آدمية وأكثر استقراراً بحقوق الإنسان واحترامها, والطرف الآخر هو سلطة.طاغية استنفذت كل مبررات بقائها وهي مطالبة بالرحيل فإذا ما أصرت على أن لا ترحل إلا بالدم فإن هذا يعني أن أفرادها سيقفون في الغد القريب أمام القضاء ليقول فيهم كلمته على ما ارتكبوه وما زالوا يرتكبونه من جرائم في حق الشعب.


* إذا ما تحدثنا عن يمن ما بعد صالح أين موقع القضية الجنوبية فيه؟


– لابد من الإقرار أولا إن القضية الجنوبية هي قضية حقيقية وليست قضية مفتعلة وليست من إنتاج احد بل هي قضية تاريخية تقترن بحق طرفي المشروع الوحدوي في 90م الذي تم وأده في 94م وبالتالي إذا ما أدركنا أن حرب 94م قد حولت الجنوب بتاريخه وثروته. وناسه وجيشه ودولته وثقافته وهويته إلى غنيمة حرب بيد النخبة التي توهمت أنها منتصرة, إذا ما أدركنا ذلك فإننا نقول إن القضية الجنوبية حية وستظل حية بعد زوال صالح لكنني أقول إن سقوط هذا النظام يوفر الأرضية المناسبة لمعالجة القضية الجنوبية وحلها حلاً عادلاً.هذا النظام الانفصالي الذي تحكم بمصائر الجنوبيين وحولهم إلى مواطنين من الدرجة الثالثة والرابعة هو اليوم قد تجنى على الجنوب والشمال على حد سواء وبالتالي فإن ذهابه هو شرط أولي وأساسي لحل القضية الجنوبية حل عادل يتوقف على ما ستتخذه السلطة الجديدة ما بعد صالح وبهذه المناسبة فإنني أتوجه إلى شباب التغيير في ميادين وساحات الاعتصام في محافظات الوطن الشمالية وأقول لهم إن عليكم أن تعلموا آن ليس بينكم وبين المواطنين الجنوبيين أي صراع فإن الصراع بين الشعب وهذه السلطة المنتهية الصلاحية لكنني أناشدهم إلى إن يتفهموا إلى أن الجنوبيين قد امضوا أكثر من ستة عشر عاماً وهم ضحية حرب ظالمة مدمرة أكلت الأخضر واليابس وهم اليوم بحاجه إلى من يتفهم قضيتهم لأنها قضية عادلة وأن الثورة مطالبة بحل القضية الجنوبية حلا عادلا وأن تعيد للجنوبيين مكانتهم ومساهمتهم في البنية السياسية في المعادلة السياسية حتى يعود الجنوب شريكاً قوياً وفاعلاً في مشروع بناء الدولة الجديدة القادمة.. مشروع الدولة المدنية العصرية الحديثة التي ظل اليمنيون يحلمون بها و ما لم تعالج القضية الجنوبية معالجة منصفة فإن أخطار التشظي والتفكك ستبقى قائمة حتى بعد ذهاب صالح.


– هناك من يطرح مشروع الدولة الاتحادية بإقليمين شمالي وجنوبي كحل للقضية الجنوبية كيف تنظرون إلى مثل هذا الطرح؟


من وجهة نظري أن معالجة للقضية الجنوبية ينبغي أن تكون محصله لحوارات طويلة ومعمقة ومدروسة يشترك فيها الجميع وعلى وجه الخصوص أطراف الحياة السياسية في الجنوب وأعني بذالك فروع الأحزاب السياسية في الجنوب ومكونات الحراك السلمي الجنوبي على وجه الخصوص وهي قوه حاضرة ينبغي عدم تجاهلها وعدم التقليل من شأنها في العملية السياسية فهي قوة فاعلة وحاضرة وهي من أوصل القضية الجنوبية إلى هذا المستوى من الإقليمية والعالمية وكذلك النازحون السياسيون الجنوبيون في الخارج وبقيه ألوان الطيف الاجتماعي الجنوبي وهذا الحوار المعمق ينبغي أن يصل في الجنوبيين إلى توافق حول الطريقة المناسبة لمعالجة قضيتهم لأنهم هم أصحاب القضية مع إقراري بأن القضية الجنوبية هي قضية وطنية بامتياز لكنني أعود وأقول الروشتة أو الوصفة العلاجية لا يحق لأحد أن يزعم أنه هو صاحب الوصفة الناجعة وان كنت شخصيا أرى إن حل القضية الجنوبية يتمثل في مشروع الدولة الاتحادية التي تسمح ببقاء اليمن كيانا متماسكا وتعيد للجنوبيين حقهم في الشراكة الوطنية في الدولة وتسمح بوجود برلمانين إقليمين وحكومتين إقليميتين وبرلمان وطني بغرفتين وحكومة اتحادية على صعيد البلد وهذا ما سيخلق التوازن بين اليمنيين ويجعلهم من ناحية يتمتعون بحقوقهم كل في إقليمه ولكن من ناحية أخرى متحدين مشاركين في مشروع الدولة.



نقلا عن صحيفة الثوري

زر الذهاب إلى الأعلى